المملكة الملعونة......1-3-1-المفسدون في الارض..1-3-1-7-قوم موسى
قوم موسى
قال الحق تبارك وتعالى: "وجاوزنا ببني
إسرائيل البحر،فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا: يا موسى اجعل لنا إلها كما
لهم آلهة. قال: إنكم قوم تجهلون، إن هؤلاء متبر ما هم فيه و باطل ما كانوا يعملون.
قال: أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين ؟ وإذ أنجيناكم من آل فرعون
يسومونكم سوء العذاب، يقتلون أبناءكم و يستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم
عظيم. وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر، فتم ميقات ربه أربعين ليلة. و قال
موسى لأخيه هارون: اخلفني في قومي، وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين. ولما جاء موسى
لميقاتنا وكلمه ربه، قال: رب أرني أنظر إليك. قال: لن تراني، ولكن انظر إلى الجبل،
فإن استقر مكانه فسوف تراني. فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا. فلما
أفاق، قال: سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين. قال: يا موسى إني اصطفيتك على
الناس برسالتي وبكلامي، فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين. وكتبنا له في الألواح من كل
شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء. فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها
سأوريكم دار الفاسقين. سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق، وإن يروا
كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا، وإن يروا سبيل الغي
يتخذونه سبيلا، ذلك لأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين. والذين كذبوا بآياتنا
ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون. و اتخذ قوم موسى من بعده
من حليهم عجلا جسدا له خوار، ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا، اتخذوه
وكانوا ظالمين. ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا، قالوا: لئن لم يرحمنا ربنا
ويغفر لنا، لنكو نن من الخاسرين. ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا، قال: بئسما
خلفتموني من بعدي، أعجلتم أمر ربكم ؟ وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه.
قال: ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني
مع القوم الظالمين. قال: رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك، وأنت أرحم الراحمين.
إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي
المفترين. والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور
رحيم. ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم
يرهبون. واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا، فلما أخذتهم الرجفة قال: رب لو شئت
أهلكتهم من قبل وإياي، أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ؟ إن هي إلا فتنتك تضل بها من
تشاء، وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين. واكتب لنا في
هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة، إنا هدنا إليك قال: عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي
وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون و يؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون، الذين
يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم
بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم
إصرهم والأغلال التي كانت عليهم. فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور
الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون. قل يا أيها الناس: إني رسول الله إليكم جميعا،
الذي له ملك السماوات والأرض، لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي
الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته، واتبعوه لعلكم تهتدون. ومن قوم موسى أمة يهدون
بالحق وبه يعدلون. وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما. وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه
قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم،
وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما
ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. وإذ قيل لهم: اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث
شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم، سنزيد المحسنين. فبدل
الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم، فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا
يظلمون. واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر، إذ يعدون في السبت، إذ تأتيهم
حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم. كذلك نبلوهم بما كانوا
يفسقون" "الأعراف:
138-163".
في هذه الفقرة أرتكز على ابحاث شيوخ الإسلام
و على مفكرين عباقرة وأدلي أثناء ذلك بما شاهدت من تلاعب الشيطان بالأمة الغضبية.
قال الشيخ الجليل السمو أل بن يحي المغربي –وهو عالم يهودي هداه الله
للاسلام من علماء القرن السادس هجري:
قال الله في حق اليهود: "بئس ما اشتروا
به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من
عباده، فباءوا بغضب على غضب".
"البقرة:
90".
وقال تعالى: "قل: هل أنبئكم بشر من ذلك
مثوبة عند الله: من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت،
أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل، وإذا جاءوكم قالوا آمنا، وقد دخلوا بالكفر
وهم قد خرجوا به، والله أعلم بما كانوا يكتمون، وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم
والعدوان وأكلهم السحت، لبئس ما كانوا يعملون، لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن
قولهم الإثم وأكلهم السّحت لبئس ما كانوا
يصنعون".
"المائدة:60-63".
وقد أمرنا الله سبحانه أن نسأله في صلواتنا
أن يهدينا صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. وثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون".
"رواه أحمد والترمذي".
ىلاوقد أمرنا الله سبحانه أن نسأله في
صلواتنا أن يهدينا صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. وثبت عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اليهود مغضوب عليهم والنصارى
ضالون". "رواه أحمد والترمذي".
فأول تلاعب الشيطان بأمة اليهود في حياة
موسى عليه السلام، وقرب العهد بإنجائهم من فرعون وإغراقه وإغراق قومه، فلما جاوزوا
البحر رأوا قوما يعكفون على أصنام لهم فقالوا: "يا موسى اجعل لنا إلها كما
لهم
آلهة".
"الأعراف: 138".
فقال لهم موسى عليه السلام: "إنكم قوم
تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون". فأي جهل فوق هذا ؟
والعهد قريب وإهلاك المشركين أمامهم بمرأى من عيونهم في البحر الأحمر. وطلبوا من
موسى عليه السلام –وهو بشر مخلوق- أن يجعل لهم إلها مجسدا. والمخلوق والمجعول
والمصنوع يستحيل أن يكون إلها. وكل من اتخذ إلها غير الله فقد اتخذ إلها مخلوقا أو
مصنوعا. ومن تلاعب الشيطان باليهود عبادتهم العجل من دون الله تعالى وقد شاهدوا ما
حل بالمشركين من العقوبة وموسى عليه السلام حي لم يمت – مع مشاهدتهم صانعه يصنعه
ويصوغه ويدقه بالمطرقة ويسطو عليه بالمبرد. وقال السامري وعباد العجل معه: ترك
موسى إلهه ههنا وذهب يطلبه في طور سناء فنسبوا موسى إلى الضلال حيث ذهب يطلب إلها
غير العجل ثم قال لهم السامري "هذا إلهكم وإله موسى"
"طه:88".
فعكفوا على العجل يعبدونه. فقال هارون عليه
السلام: "يا قوم إنما فتنتم به، وإن ربكم الرحمان، فاتبعوني وأطيعوا
أمري. قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا
موسى".
"طه:
90-91".
فلما قدم موسى عليه السلام ورأى ما أصاب
قومه من الفتنة اشتد غضبه، وألقى الألواح عن رأسه- وفيها كلام الله الذي كتبه له-
وأخذ برأس أخيه ولحيته، ولم يعتب الله عليه في ذلك، لأنه حمله عليه الغضب لله
تعالى. ومن تلاعب الشيطان بأمة اليهود في حياة موسى عليه السلام ما قصه الله تعالى
في القرآن حيث يقول: "وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة".
"البقرة:55". (أي عيانا).
فذكر الله تعالى اليهود الذين كانوا على عهد
رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة أنهم لن يعدوا أن يكونوا في تكذيبهم
محمدا صلى الله عليه وسلم و جحودهم نبوته –مع علمهم به ومعرفتهم بحقيقة أمره-
كأسلافهم وآبائهم الذين قص الله علينا قصصهم. و تلاعب الشيطان بأمة اليهود عندما
أمرهم نبيهم موسى عليه السلام –والوحي ينزل عليه من الله تعالى: "أدخلوا هذه
القرية".
"البقرة:58".
وهي قرية بيت المقدس، وأمروا بالسجود
والاستغفار والتوحيد، وضمن لهم نبيهم –بذلك- مغفرة خطاياهم. "فبدل الذين
ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم، فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا
يظلمون".
"
الأعراف:162".
وبدلوا القول والفعل معا. وكان طعام بني
إسرائيل في التيه واحدا، وشرابهم واحدا: كان شرابهم عسلا ينزل من السماء، يقال له
المن، وطعامهم طيرا يقال له السلوى، يأكلون الطير ويشربون العسل، لم يكن لهم خبز
ولا غيره، بتفجر لهم من الحجر إثنا عشر عينا من الماء، فملوا ذلك.وطلبوا الثوم
والبصل والعدس و البقل والقثاء، فذمّوا على ذلك. و لما أمرهم الله تعالى أن يدخلوا
الأرض التي كتب الله لهم: "يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم
ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين". "المائدة:
20-21".
كان جوابهم أن: "قالوا: يا موسى إنا لن
ندخلها أبدا ما داموا فيها، فاذهب أنت وربك فقاتلا، إنا هاهنا
قاعدون" "المائدة:24".
وأصروا على عصيانهم واشترطوا خروج الجبارين
منها، فجعلهم الله –تعالى- يتيهون أربعين عاما. ومن تلاعب الشيطان بهم، أنهم لما
حرمت عليهم الشحوم أذابوها، ثم باعوها، واستنفعوا بثمنها، بينما كان تحريمها يشمل
أيضا تحريما لبدلها و المعاوضة عنها، كما أن تحريم الخمر والميتة والدم ولحم
الخنزير على المسلمين يتناول تحريم أعيانها و
أبدالها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
"لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، وتستحلوا محارم الله بأدنى
الحيل".
ومن تلاعب الشيطان باليهود أنهم كانوا يقتلون الأنبياء ويتخذون الأحبار والرهبان
أربابا من دون الله تعالى، يحرمون عليهم ويحلون لهم،
قال الله تعالى:
"اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله".
"التوبة:31".
ولما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم
كفروا به وكذبوه، فباؤوا بغضب على غضب بسبب كفرهم بالمسيح وبسبب كفرهم بمحمد
عليهما الصلاة والسلام.
أنكر اليهود نبوة نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم لما اشتملت عليه من نسخ بعض الأحكام التي كانت مشروعة في
رسائل من بعث قبله من الأنبياء عليهم السلام. وقد أكذبهم الله تعالى في التوراة
وفي القرآن: "كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من
قبل أن تنزل التوراة. قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين. فمن افترى على
الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون، قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا
وما كان من المشركين".
"آل عمران: 93-95".
فبنو إسرائيل كانوا على شريعة أبيهم يعقوب
وملته، وأن الذي كان لهم حلالا إنما هو بإحلال الله تعالى له على لسان إسرائيل
والأنبياء بعده إلى حين نزول التوراة. ثم جاءت التوراة بتحريم كثير من المآكل
عليهم، التي كانت حلالا لبني إسرائيل، وهذا محض النسخ الذي انكروه على سيدنا محمد
صلى الله عليه و سلم . من نسخ الشرائع والحجر على الله تعالى في نسخها. ولقد أبدع
السموأل في كتابه: "بذل المجهود في إفحام اليهود" عندما أكد أن النسخ من
نص كتابهم وما تقتضيه أصولهم فجادلهم قائلا: هل كان النسخ قبل نزول التوراة شرع أم
لا ؟ فإن جحدوا، كذبوا بما نطق به الجزء الثاني من السفر الأول من التوراة: إذ شرع
الله على نوح القصاص في القتل، ذلك قوله بالعبرية: "شوفيخ دام ها اذام داموا
إيستا فيخ كي يصيلم ألوهيم عاسا آت هاذام". ومعناه بالعربية: " سافك دم
الإنسان فليحكم بسفك دمه، لأن الله تعالى خلق آدم بصورة شريفة". وما يشهد به
الجزء الثاني من السفر الأول من التوراة، إذ شرع على إبراهيم ختان المولود في
اليوم الثامن من ميلاده. وهذه وأمثالها شرائع، لأن الشرع لا يخرج عن كونه أمرا
ونهيا من الله لعباده. فإذا أقروا بأنه كان شرعا، قلنا لهم: ما تقولون في التوراة
؟ هل أتت بزيادة على تلك الشرائع أم لا ؟ فإن قالوا لا، فقد صارت عبثا، إذ لا
زيادة فيها على ما تقدم فلا يجوز أن تكون صادرة عن الله، وذلك كفر على مذهبكم وإن
كانت التوراة أتت بزيادة، فهل في تلك الزيادة تحريم ما كان مباحا أم لا ؟ فإن
أنكروا ذلك بطل قولهم من وجهين: أحدهما أن التوراة حرمت الأعمال الصناعية في يوم
السبت بعد أن كانت مباحة وهذا بعينه هو النسخ. والثاني أنه لا معنى للزيادة في
الشرع إلا تحريم ما تقدمت إباحته، أو إباحة ما تقدم تحريمه. فإن قالوا: إن الحكيم
لا يحظر، أي لا يحرم شيئا ثم يبيحه لأن ذلك إن جاز مثله كان كمن أمر بشيء وضده في
زمانين مختلفين غير متناقض في أوامره، وإنما يكون كذلك لو كان الأمران في وقت
واحد. فإن قالوا: إن التوراة حظرت أمورا كانت مباحة من قبل ولم تأت بإباحة محظور،
والنسخ المكروه هو إباحة المحظور. لأن من أبيح له شيء فامتنع منه وحظره على نفسه
ليس بمخالف، وإنما المخالف من منع من شيء فأتاه باستباحته المحظور. فالجواب: أن من
أحل ما حظره الشرع فهو في طبقة المحرم لما أحله الشرع، إذ كل منهما قد خالف
المشروع. فإذا جاز أن يأتي شرع التوراة بتحريم ما كان إبراهيم عليه السلام ومن
تقدمه على استباحته، فجائز أن تأتي شريعة أخرى بتحليل ما كان في التوراة محظورا.
وقد بين الله تعالى ذلك في قوله: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو
مثلها، ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض؟
"البقرة: 106".
فأخبر سبحانه أن عموم قدرته وملكه وتصرفه في
ملكوته وخلقه لا يمنعه أن ينسخ ما يشاء، ويثبت ما يشاء كما أنه يمحو من أحكامه
القدرية الكونية ما يشاء ويثبت ما يشاء. فهكذا أحكامه الدينية الأمرية، ينسخ منها
ما يشاء ويثبت منها ما
يشاء. فمن
أكفر الكفر وأظلم الظلم، أن يعارض الرسول الذي جاء بالبينات والهدى وتدفع نبوته،
وتجحد رسالته بكونه أتى بإباحة بعض ما كان محرما على من قبله، أو تحريم بعض ما كان
مباحا لهم. وبالله التوفيق يضل من يشاء ويهدي من
يشاء.
ومن ظلم اليهود وكفرهم أنهم حرفوا شريعة موسى عليه السلام واتبعوا ما افتراه لهم
أحبارهم وعلماؤهم: فمن ذلك أنهم يقولون في صلاتهم ما ترجمه الشيخ السموأل من
العبرية إلى العربية كالآتي: " … اللهم اضرب ببوق عظيم لفيفنا و اقبضنا جميعا
من أربعة أقطار الأرض إلى قدسك، سبحانك يا جامع شتات قوم إسرائيل" ويقولون كل
يوم:"… أردد حكامنا كالأولين ومسراتنا كالابتداء وابن أورشليم قرية قدسك في
أيامنا، وأعزنا بابتنائها سبحانك يا باني أورشليم".
فهذا قولهم في صلاتهم، مع علمهم بأن موسى وهارون عليهما السلام لم يقولا –شيئا من
ذلك. ولكنها فصول لفقوها بعد زوال دولتهم. وكذلك صيامهم، كصوم إحراق بيت المقدس،
وصوم "أحصا" وصوم"كدليا" التي جعلوها فرضا لم يصمها موسى، ولا
يوشع بن نون، وكذلك صوم صلب"هامان" ليس شيء من ذلك في التوراة، وإنما
وضعوها وضعا وافتراها عليهم أحبارهم وعلماؤهم. مع أن في التوراة ما نصه
بالعبرية:" لوثوا سيفوا عل هذا بارا شيرانوضى مصوى أتخيم ولو تغرعد ممينوا
" وعربه السموأل رحمه الله هكذا: "لا تزيدوا على الأمر الذي أنا موصيكم
به شيئا، ولا تنقصوا منه شيئا".
و زعم اليهود أن فقهاءهم إذا أحلوا لهم الشيء صار حلالا،
وإذا حرموه صار حراما، وإن كان نص التوراة بخلافه. وأخبر ابن القيم رحمه الله
تعالى في كتابه " إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" –نقلا عن كتاب
السموأل رحمه الله تعالى: "بذل المجهود في إفحام اليهود" أنه كان لليهود
في قديم الزمان بالشام والعراق والمدائن مدارس وفقهاء كثيرون، كان ذلك في زمن دولة
البابليين والفرس ودولة اليونان والروم، حتى إجتمع فقهاؤهم [الحاخاميم] في بعض تلك
الدول على تأليف "المشنا" و
"التلمود".
فأما "المشنا" فهو الكتاب الأصغر، ومبلغ حجمه نحو ثمانمائة ورقة. وأما
"التلمود" فهو الكتاب الأكبر، ومبلغه نحو نصف حمل بغل، لكبره. ولم يكن
الفقهاء الذين ألفوه في عصر واحد، وإنما ألفوه جيلا بعد جيل. فحرم أحبار اليهود في
هذين الكتابين على الأمة المغضوب عليها مؤاكلة الأجانب وذبائح من لم يكن على
دينهم، رغبة من [الحاخاميم] أن يصدوهم عن مخالطة من هو على غير ملتهم. بينما
التوراة حرمت عليهم مناكحة غيرهم من الأمم لئلا يوافقوا الأزواج في عبادة الأصنام
والشرك. وحرم عليهم في التوراة أكل ذبائح الأمم التي يذبحونها قربانا إلى الأصنام،
لأنه قد سمي عليها اسم غير الله تعالى. فأما الذبائح التي لم تذبح قربانا للأصنام،
فلم تنطق التوراة بتحريمها، وإنما نطقت بإباحة الأكل من أيدي غيرهم من الأمم.
وأولئك [الحاخاميم] الذين ألفوا "المشنا" و "التلمود" هم
فقهاء اليهود، وهم قوم كذابون على الله وعلى موسى. يزعمون أنهم كانوا إذا اختلفوا
في شيء من المسائل التي تعترضهم، يوحي الله تعالى إليهم بصوت يسمعه جمهورهم،
ويقول: الحق في هذه المسألة مع [الحاخام] فلان، ويسمون هذا الصوت: "بث
قول". فلما نظرت اليهود القراءون، وهم أصحاب "عانان" و"بن
يامين" إلى هذه الشناعات والافتراءات والأكاذيب انفصلوا بأنفسهم عن الفقهاء
وكذبوهم في كل ما افتروا على الله ولم يحرموا شيئا من الذبائح التي يتولون ذباحتها
البتة ولم يحرموا سوى لحم الجدي بلبن أمه فقط. مراعاة لنص التوراة:" لا تنضج
الجدي بلبن أمه"، وهم أصحاب ظاهر فقط. وأما الربانيون، فهم أصحاب قياس، وهم
أكثر عددا من القرائين، ومنهم: "الحاخاميم" المفترون على الله تعالى
الكذب،
وهذه الطائفة أشد اليهود عداوة لغيرهم من الأمم. وكلما كان
"الحاخاميم" فيهم أكثر تكلفا وأشد إصرا وأكثر تحريما، قالوا: هذا هو
العالم الرباني. وكانوا يعتقدون أن تضييق المعيشة وتحريم الحلال، هو المبالغة في
الدين، وهم أبدا يعتقدون الصواب والحق مع من يشدد ويضيق عليهم أمور حياتهم. وتنوعت
أمة اليهود في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنواع الحيل والكيد والمكر عليه،
وعلى أصحابه، ورد الله سبحانه وتعالى ذلك كله عليهم فتحيلوا عليه مرارا وأرادوا
قتله، والله تعالى ينجيه من كيدهم. فتحيل يهود بني النضير حين ذهب إليهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم يستعينهم في دية الرجلين
الذين قتلهما عمرو بن أمية في مرجعه من بئر معونة، فقال اليهود: إنكم
لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من
بيوتهم، فمن رجل يعلو على هذا البيت،ليلقي عليه صخرة، فيريحنا منه ؟ فصعد أحدهم
ليلقي عليه صخرة، فأتى رسول الله الخبر من السماء بما أراد اليهود. فقام وخرج
راجعا إلى المدينة، ثم كان ذلك سبب غزوة بني النضير وإجلائهم، وفيها أنزل الله
تعالى سورة الحشر كما ورد في سيرة ابن هشام وتفسير ابن كثير رحمهما الله
تعالى.
أما يهود بني قريظة فقد خانوا العهد ومكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وظاهروا
عليه أعداءه من المشركين فنصره الله تعالى عليهم في غزوة الخندق، وكان ما ذكره
الله تعالى في سورة الأحزاب من خذلان قريش وقتل رجال بني قريظة بما كانوا ظاهروا
قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقضهم عهده بسعاية حيي بن أخطب ومكر يهود
خيبر بالرسول صلى الله عليه وسلم وحاولوا قتله بالسم عندما أهدته زينب بنت الحارث
اليهودية –امرأة سلام بن مشكم- شاة مسمومة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما حملكم على ذلك ؟ قالوا: أردنا إن كنت كاذبا أن نستريح منك، وإن كنت نبيا لا
يضرك. و سحره لبيد
ابن الأعصم اليهودي حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله فشفاه الله تعالى
وخلصه.
ومكر اليهود بالرسول صلى الله عليه وسلم في قولهم
"آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون
".
"آل عمران: 72".
يريدون بذلك تشكيك المسلمين في نبوته، وهذا
كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى من أعظم خبثهم ومكرهم ومن تلاعب الشيطان بأمة
اليهود، أنهم في العشر الأول من الشهر الأول من كل سنة عبرية يقولون في صلاتهم:
"لم تقول الأمم: أين إلههم؟ إنتبه، كم تنام يا رب ؟ استيقظ من رقدتك!".
وتجرأت الأمة الغضبية على الله سبحانه و تعالى بهذه المناجاة القبيحة، فوقعوا في
الكفر الشنيع الذي لا يستحسنه إلا أمثالهم من شياطين الانس. ومن تحريفهم للتوراة
ما ذكره السموأل من قولهم: "وندم الله على خلقه البشر الذين في الأرض"
وكثير من اليهود يقولون: إن الله بكى على الطوفان حتى رمد، وعادته الملائكة، وأنه
عض أنامله حتى جرى الدم منها. وواجه اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم و
أصحابه بأمثال هذه الكفريات، فقال قائل منهم للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله
خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استراح، فأنزل الله تعالى تكذيبهم.
"ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وما مسنا من
لغوب".
"ق:38".
وقال "فنحاص" –وكان من علماء
اليهود- لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: إن الله فقير ونحن أغنياء، و لهذا استقرضنا
من أموالنا. فغضب أبو بكر وضرب"فنحاص" ضربا شديدا، فأنزل الله سبحانه
وتعالى: "لقد سمع الله قول الذين قالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء، سنكتب ما
قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق، ونقول: ذوقوا عذاب
الحريق"
"آل عمران181".
ويزعم اليهود أن المسلمين أولاد زنى،
ويسمونهم "ممزيرم" وأحدهم "ممزير" وهو ولد الزنى، لأن اليهود
يعتبرون أن الزوج إذا راجع زوجته بعد أن تزوجت زوجا غيره، فأولادهما أولاد زنى.
وزعموا أن ما جاءت به شريعة الإسلام من ذلك هو من موضوعات عبد الله بن سلام، قصد
به أن يجعل أولاد المسلمين "ممزيرم". ونسبوا الفصاحة والإعجاز الذين في
القرآن إلى عبد الله بن سلام. وليس وراء هذا الباطل باطل. وليس مستنكر من أمة
الخنازير الملعونة على لسان داود وعيسى أن ينسبوا محمدا -صلى الله عليه وسلم –
وبجل وكرم وعظم إلى مثل تلك الكفريات الغليظة الشنيعة إذا تذكرنا ملاحمه فيهم
وإجلاءه لهم من ديارهم وأموالهم، وسبي ذراريهم ونساءهم. ونسبت أمة اليهود عيسى إلى
أنه ساحر، ولد بغية، ونسبت أمه مريم إلى الفجور. ونسبت لوطا إلى أنه وطئ إبنتيه
وأحبلهما وهو سكران من الخمر. ونسب اليهود سليمان إلى أنه كان ملكا ساحرا ونسبوا
يوسف إلى أنه حل تكة سراويله وتكة سراويل سيدته، وأنه قعد منها مقعد الرجل من
امرأته، فنزل جبريل، فقال: "يا يوسف تكون من الزناة وأنت معدود عند الله
تعالى من الأنبياء"، فقام عنها. وجادل السموأل أمتي المغضوب عليهم والضالين
بالمنطق العقلي الآتي: قال السموأل: " … وإذا اشتهر نبي في عصره وصحت نبوته
في ذلك العصر بالآيات التي ظهرت عليه لأهل عصره، ووصل خبره إلى أهل عصر آخر، وجب
على اليهود والنصارى تصديقه والإيمان به. وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة و
السلام في هذا سواء ولعل تواتر الشهادات بنبوة موسى أضعف من تواتر الشهادات بنبوة
عيسى ومحمد: لأن الأمة الغضبية قد مزقها الله تعالى كل ممزق وسلبها ملكها، فلا عيش
لها إلا تحت قهر سواها من الأمم لها، بخلاف أمة محمد صلى الله عليه وسلم: فممالكهم
قد طبقت مشارق الأرض ومغاربها فكيف يكون نقل المسلمين لما نقلوه كابر عن كابر كذبا
ونقل أمة اليهود الخاملة القليلة الزائلة صدقا ؟ ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الذي
قرر نبوة موسى ونبوة عيسى، لا اليهود ولا النصارى. بل كان نفس ظهوره ومجيئه تصديقا
لنبوتهما، فإنهما أخبرا بظهوره وبشّرا به قبل ظهوره، فلما بعث كان بعثه تصديقا
لهما. وفي توراة اليهود المتداولة في القرن السادس هجري ما نصه بالعبرية:"
واما أدوناي أتكلي وريفور يعاريه سيعير أثخرى لانا أستخى لعبوريته على طور ادفاران
وعمه ربوان قديشين". وترجم السموأل ذلك إلى العربية على النحو التالي:
"جاء الله من طور سيناء وأشرق نوره من سعير، واستعلن من جبال فاران، ومعه
ربوات المقدسين" وأفضل أن أستبدل نص الترجمة على النحو التالي: "ظهر
الحق من طور سيناء، وأشرق نوره من سعير، وزحفت جيوشه من جبال فاران" واليهود
يعلمون أن جبل سعير هو جبل السراة الذي يسكنه بنو العيص الذين آمنوا بعيسى،
ويعلمون أن في هذا الجبل كان مقام عيسى، ويعلمون أن بسيناء هو جبل الطور وأما جبال
فاران فهي جبال مكة، وفاران هو اسم من أسماء مكة، دل على هذا نص التوراة: "
ويثيب بمديار فاران وتفاح لواموا أشامئا يرضي مصرايم" ومعناه بالعربية:
"إن إسماعيل أقام في برية فاران و أنكحته أمه امرأة من أرض مصر". فثبت
بنص التوراة أن جبال فاران مسكن لولد إسماعيل، وإذا كانت التوراة قد أشارت إلى
نبوة تظهر من جبال فاران لزم أنها تنزل على ولد إسماعيل لأنهم سكانها. ومن المعلوم
بالضرورة أنها لم تنزل على غير محمد صلى الله عليه وسلم: وقد شهدت التوراة على
اليهود بالإفلاس في الفطنة والرأي، ذلك ما دل عليه: "كي غوى أوباذ غيصون
هيماواين يا هيم تسونا" وتعريبه: "إنهم شعب عادم الرأي وليس فيهم
فطنة" رحم الله تعالى العالمين الجليلين ابن القيم والسموأل الذين نقلت عنهما
بهت المغضوب عليهم وتحريفهم للرسائل ونكرانهم للأنبياء عليهم السلام. ولمن يريد
الاستفاضة من ذلك فعليه بكتاب" بذل المجهود في إفحام اليهود" للشيخ
السموأل، وكتاب" إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" للشيخ ابن القيم. ولقد
استولى على أمة اليهود الكلدانيون والبابليون والفرس واليونان والنصارى. وما من
هذه الأمم إلا من طلب استئصالهم وبالغ في إحراق بلادهم وكتبهم، وشتتوهم في كل
اتجاه. وصادف الإسلام اليهود تحت ذمة الفرس وذمة النصارى بحيث لم يبق لهم مدينة
ولا جيش وأعز ما صادفه الإسلام منهم يهود خيبر والمدينة وما جاورها. فإنهم إنما
قصدوا تلك الناحية لما كانوا وعدوا به من ظهور رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
فلما بعث الله تعالى نبيه محمدا -صلى الله عليه وسلم – سبقهم إليه العرب، فحملهم
الحسد والبغي على الكفر به وتكذيبه. وأشد ما أثر في أمة اليهود ما نالهم من ملوكهم
العصاة أمثال: أجابو، ويربعام بن نباط، وأخربا، وأمصيا، ويهورام، وغيرهم من الملوك
الإسرائيليين الذين قتلوا الأنبياء وعبدوا الأصنام وتركوا أحكام التوراة وعاثوا في
الأرض فسادا أزمنة بعد أزمنة إلى عصرنا هذا. ولقد منع الفرس اليهود من الصلاة
لمعرفتهم بأن معظم صلاة اليهود إنما هي دعاء على الأمم الأخرى بالبوار وعلى العالم
بالخراب. فاخترع اليهود أدعية زعموا أنها فصول من صلاتهم، سموها الحزانة، والفرق
بينها وبين الصلاة أن الصلاة بغير لحن، والمصلي يتلو الصلاة وحده، والحزان يشاركه
غيره في الجهر بالحزانة ويعاونونه في الألحان. فلما قام الإسلام وأقرهم على صلاتهم
استصحبوا تلك الحزانة ولم يعطلوها، وهو ما يصنعونه اليوم عند حائط المبكى
بالقدس في الأعياد والمواسم والأفراح والأسبات. وكان هناك ظرف موات لليهود فيما
بين الأوس والخزرج من حروب وعداوة، وهي البيئة التي يجد اليهود دائما لهم فيها
عملا وشغلا، فلما جاء الإسلام سلبهم هذه الفرص وأزال الفرقة التي كانوا
ينفذون من خلالها للدس والمكر والكيد والنهب.وألف الإسلام بين الأوس والخزرج
والمهاجرين وتكونت منهم خير أمة أخرجت للناس: الأمة الإسلامية. ولقد كان اليهود
يزعمون أنهم شعب الله المختار من بين كل الشعوب الأخرى وأن فيهم الرسالة والكتاب،
فتطلعوا أن يكون الرسول الخاتم منهم، كما توقعوا دائما وكما حدثهم علماؤهم. فلما
جاء محمد صلى الله عليه وسلم من العرب ودعاهم إلى كتاب الله –بحكم أنهم أعرف به من
المشركين- أخذتهم العزة بالنفس، واعتبروا دعوته إليهم للدخول في الإسلام إهانة
وتحديا واستطالة عليهم. وقال الشيخ سيد قطب رحمه الله تعالى في "ظلال القرآن":
وكانت معجزة القرآن الخالدة أن صفة اليهود التي دمغهم بها هي الصفة الملازمة لهم
في كل أجيالهم: قبل الإسلام وبعده إلى يومنا هذا مما جعل القرآن -يخاطبهم- في عهد
النبي صلى الله عليه وسلم كما لو كانوا هم أنفسهم الذين كانوا على عهد موسى- عليه
السلام- وعلى عهود خلفائه من أنبيائهم سماتهم هي، هي، وتصرفهم هو، هو، وموقفهم من
الحق والخلق هو موقف متحجر على مدار الزمان. لقد كان بنو إسرائيل أول كافر
بالإسلام، وكانوا يلبسون الحق بالباطل وكانوا يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد
ما عقلوه، وكانوا يخادعون المؤمنين بإظهار الإيمان لهم، وكانوا يريدون أن يردوا
المسلمين كفارا، وكانوا يعلنون عداوتهم لجبرائيل عليه السلام بما أنه هو الذي حمل
الوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم دونهم وكانوا يحسدون المسلمين على كل خير،
ويتربصون بهم الدوائر، وكانوا ينتهزون كل فرصة للتشكيك في صحة الوحي، كما فعلوا
عند تحويل القبلة من اتجاه المسجد الأقصى بالقدس إلى اتجاه الكعبة بالمسجد الحرام
بمكة، وكانوا أساتذة في تدريس علوم الخبث والمكر والنفاق والفساد والغدر للمشركين
والمنافقين والكفار، وكانوا ولا زالوا مصدر تحريض وعداوة وحقد وتأليب ضد الإسلام
والمسلمين. فمن ثم تتضمن سورة البقرة حملة قوية على بني إسرائيل وتذكرهم بأنفسهم
اللئيمة وبمواقفهم المماثلة من نبيهم موسى عليه السلام ومن شرائعهم وأنبيائهم على
مدار أجيالهم الفاسدة الخبيثة. وتخاطبهم سورة البقرة في هذا المضمار وكأنهم جيل
واحد متصل قال تعالى: " وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من
الله، ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيئين بغير الحق، ذلك بما
عصوا وكانوا يعتدون"
"البقرة: 61".
وقال الله تعالى: "فبما نقضهم
ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية، يحرفون الكلم عن مواضعه، ونسوا حظا مما ذكروا
به".
"المائدة: 13".
وقال تعالى:"لعن الذين كفروا من بني
إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا
يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون".
"المائدة:
78-79".
وهكذا فقد لعن اليهود ثلاث مرات وزالت منهم
صفة الامتياز و التكريم والاختيار عن بقية الأمم. فلا يصح للصهاينة في عصرنا هذا
القول بأن شعب إسرائيل هو الشعب المختار. ان طبيعة يهود هذا العصر الحاقدة
المحرفة للحقائق و المشبعة بالخسة والتهافت على كل الرذائل قد نزعت منهم صفة
الاختيار التي حباهم بها الله العزيز الجبار في عهد موسى عليه السلام: »
ولقد اخترناهم على علم على العالمين ، وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء
مبين « .
» الدخان « 33-32,
فلا يصح أبدا أن يقول اليهود الذين تهافتوا
من كل أقطار الدنيا على الفلسطنين بأنهم شعب الله المختار وبأن عقيدتهم مقدسة
بعدما حرفوا كتاب التوراة ٠وسأبين ذلك إن شاء الله تعالى في فقرة كليم الله موسى
على نبينا وعليه الصلاة و
السلام. أما
إذا ضاع عنك يهودي فلا تبحث عنه في حلقات العلم ولا في مجالس الذكر، لأنك لن تجده
إلا في أسواق المال والذهب ومرابض الفساد. فإذا اشتعلت نيران الحرب في أي بلد من
بلدان العالم فإنهم يكرهون الدفاع عن الحق و العدل و الحرية و يفرون من دمدمة
المدافع وأزيز الطائرات وفرقعة القنابل، لذلك فإنك لما تسمع بهجرة يهود بلد ما،
فتستطيع أن تستنتج بدون أدنى شك أن ذلك البلد قادم على عواصف هوجاء من الحروب
والخراب والدمار والنهب، وبما أنهم هم الذين يشعلون فتيلها متى شاءوا، فإنهم
يهربون أموالهم أولا ثم أجسادهم لاحقا، قبل اندلاع الحرب. ولم نسمع أبدا لا في
القديم ولا في الحديث أن اليهود دافعوا عن أرض سكنوها أو شعب احتضنهم، بل بالعكس
من ذلك فهم الذين ساعدوا الحملات الاستعمارية على بلدان العالم الثالث سابقا وهم
الذين حرضوا أمريكا على اذلال العرب حاضرا، وهم الذين شجعوا العنصرية في
جنوب إفريقيا، وهم الذين حاربوا جميع الثورات الشعبية التي انفجرت في شتى أنحاء
العالم. وهم الذين ينصحون و يوسوسون بقمع وإعدام الأحرار من طرف شياطين الحكم.فقد
فروا من الشاشان ومن يوغسلافيا ومن الحبشة ومن الجزائر وليبيا، ولما وقعت حرب
رمضان سنة 1973م هرب اليهود من فلسطين إلى أروبا وأمريكا، واضطرت دولتهم: إسرائيل
إلى الاستعانة بالمرتزقة من شتى الأجناس والألوان، وكي لا يتخلص ضباط الطائرات من
طائراتهم بالمظلات، كبلوهم بالسلاسل على مقاعد القيادة، وفي حرب العراق مع أمريكا
وحلفائها سنة 1991فر اليهود في كل مساء من عاصمتهم"
تل أبيب" إلى المدن التي يسكنها العرب رعبا من صواريخ العراق. ولا شك عندي
أنهم –لما يذهب عمران أمريكا وتندثر حضارتها كما اندثرت كل الحضارات القديمة –
سيرحلون إلى أماكن الفساد الجديدة حاملين معهم كل ما استطاعوا نهبه من خزائن الذهب
والمال. ومن أغرب الأمور، أن الزمان لما دار دورته، انتصبت دولة اليهود على أرض
الكنعانيين مدعمة بأسطورة "الوعد": "لنسلك أعط هذه الأرض من نهر
مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات". "سفر التكوين: 15-18" من توراة
اليهود. التي فهمها الصهاينة على النحو التالي: "إذا كنا نملك التوراة، وإذا
كنا نعتبر أنفسنا شعب التوراة، فمن الواجب علينا أن نمتلك جميع الأراضي
التوراتية"."الجنرال موشي ديان: 1967-8-10 « Jérusalem post » ويقول
أستاذ العهد القديم في كلية اللاهوت البروتستانية في جينيف: البيردى بورى في
" الوعد الإلهي والخرافة الشعائرية في أدبيات يعقوب": "إن الموضوع
التوراتي لهبة البلاد يستمد أصوله من "الوعد الأول" أي الوعد الإلهي
لإبراهيم بحسب المأثور في سفر التكوين. فأقاويل سفر التكوين تنقل لنا في مرات
عديدة وبأشكال مختلفة أن الله وعد الآباء وذرياتهم بملكية الأرض التي كانوا في
سبيلهم إلى التوطن فيها. وهذا الوعد يبدو أنه ينطبق قبل كل شيء على المناطق
الواقعة حاليا في الضفة الغربية ويعرض القصاصون التوراتيون علينا تاريخ أصول
إسرائيل كسلسلة من العصور المحددة تحديدا دقيقا. فهم يدخلون كل الذكريات والتواريخ
والخرافات والحكايات والأشعار التي وصلتهم والتي نقلها لنا التراث الشفهي، ضمن
إطار محدد للأنساب والتأريخ. ويتفق معظم المفسرين المحدثين على أن هذه الصورة
التاريخية ما هي إلا صورة وهمية إلى حد كبير. ولا نتفق بأي شكل من الأشكال مع
الذين يعتبرون وعود العهد القديم بمثابة إفضاء للشرعية على المطالبة بفلسطين".
« Roger Garaudy : Les mythes fondateurs de la
politique israélienne ».
ويقول الحاخام ألمر برجر، رئيس منظمة
"من أجل اليهودية" في الولايات المتحدة: "إنه من غير المقبول من أي
إنسان الإدّعاء بأن إنشاء دولة إسرائيل حاليا هو تحقيق لنبوة توراتية، ومن ثم فإن
كل الأفعال التي قام بها الإسرائليون لقيام دولتهم والإبقاء عليها هو تنفيذ لإرادة
الرب. إن السياسة الحالية لإسرائيل قد حطمت أو على الأقل قد طمست المعنى الروحاني
لإسرائيل" وأقترح أن نبحث عنصرين أساسيين لإرث النبوات:
أ – فإنه عندما تحدث الأنبياء عن استعادة
صهيون، فهذا لا يعني الأرض التي كان لها في حد ذاتها صفة القداسة. فالمحك المطلق
الذي لا يقبل النقاش بشأن مفهوم نبوءة الخلاص هو استعادة العلاقة بالرب، في وقت
كانت فيه هذه العلاقة قد قطعت من جانب الملك وشعبه. وقد قال "ميشا" ذلك
بكل وضوح: "استمعوا إذن يا رؤساء بيت يعقوب، وقادة بيت إسرائيل، يا من تكرهون
الخير وتحبون الشر، … يا من تبنون صهيون وسط حمامات من الدم والقدس
بجرائمكم…" إن صهيون سيحرث كالحقل وستصبح القدس (أورشاليم) كومة من الأطلال،
وسيصبح جبل المعبد مكانا لعبادة الأصنام ."لن يكون صهيون مقدسا إلا إذا سادت
شريعة الله، وهذا لا يعني أن كل الشريعة التي استنت للقدس هي شريعة مقدسة.
ب – وليست الأرض وحدها هي التي تتوقف عليها
مراعاة العلاقة مع الرب والإخلاص لها: فإن الشعب الذي أعيد توطينه في صهيون يخضع
لنفس مقتضيات العدالة والاستقامة والإخلاص التي للعلاقة مع الرب. ولا يمكن لصهيون
أن ينتظر إعادة شعب يعتمد على المعاهدات والتحالفات وعلاقات القوة العسكرية. أو
على تراتيب حربية تحاول أن تفرض تفوقها على جيران إسرائيل. … وتوضح تقاليد
النبوءات بجلاء أن قداسة الأرض لا تتوقف على تربتها ولا على شعبها ولا على
الوجود الوحيد لهذا الشعب على هذه الأرض. والأمر الوحيد المقدس والجدير بصهيون، هو
التحالف الإلهي الذي تعبر عنه مواقف شعبه. ومع ذلك فإن دولة إسرائيل الحالية ليس
لها أي حق في ادعاء تحقيق النية الإلهية من أجل عصر مسيحي… فهذه هي محض غوغائية
التربة والدم. فلا الشعب بمقدس ولا الأرض بمقدسة، وهما ليسا جديرين بأي امتيازات
روحية في العالم. إن النزعة الشمولية-الصهيونية- التي تسعى إلى إخضاع كل الشعب
اليهودي، حتى ولو بالقوة والعنف، تجعل من هذا الشعب شعبا من بين الشعوب الأخرى
وشبيه بها".
"الحاخام ألمر برجر: النبوءة والصهيونية".
ومن الأساطير المؤسسة للدولة الصهيونية
أسطورة "الشعب المختار" التي ارتكزت أساسا على تحريف اليهود للتوراة
والذي جاء فيه: "كذا قال الرب: إسرائيل ابني البكر".
"سفر الخروج: 4-22". ومعلوم عندي أن إسرائيل هو يعقوب بن اسحاق بن
إبراهيم وأن الله تعالى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد. وإن إسحاق هو بشر
وليس إلها ،. وهذا يبطل وهم الحاخام كوهين في كتابه" التلمود" الذي ادعى
فيه: "يمكن توزيع سكان العالم بين إسرائيل وبين الشعوب الأخرى برمتها. فإن
إسرائيل هو الشعب المختار وهو ركن أساسي من أركان العقيدة اليهودية" إن العدو
الرئيسي بالنسبة لزعماء الصهاينة هو ذوبان اليهود في المجتمعات الأجنبية، وهم
يلتقون في ذلك مع الفكر الأساسي لأي عنصرية، بما في ذلك العنصرية الهتلرية، وهو
نقاء الدم. ولهذا السبب فإن النازيين اعتبروا الصهاينة بمثابة السند لهم، لأنهم
يخدمون هذا المخطط. ويقول المفكر الفرنسي:
" Roger
Garaudy "
في كتابه "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية:
" … وهناك قرائن تدل على هذا التواطؤ فقد وجه الاتحاد الصهيوني الألماني إلى
الحزب النازي مذكرة في سنة 1933 أعلن فيها ما يلي: " بتأسيس دولة جديدة،
أعلنت مبدأ الجنس، نأمل أن تتواءم طائفتنا مع الهياكل الجديدة، وإن اعترافنا
بالجنسية اليهودية يسمح لنا بإقامة علاقات واضحة وصادقة مع الشعب الألماني وحقائقه
القومية والعنصرية. وذلك لأننا لا نود أن نقلل من قدر المبادئ الأساسية، ولأننا
أيضا ضد الزيجات المختلطة. فاليهود الذين نتحدث باسمهم يستطيعون أن يجدوا مكانا
لهم داخل هياكل الدولة الألمانية. إننا نعتقد في إمكانية العلاقات المخلصة بين
اليهود والألمان. ولبلوغ هذه الأهداف العملية، تأمل الصهيونية في أن تتمكن من
التعاون حتى مع حكومة معادية تماما لليهود. فإن تحقيق الصهيونية لا يضيره حقد
اليهود في الخارج، وعداوتهم للتوجه الألماني الحالي والدعاية للمقاطعة- والموجهة
حاليا ضد ألمانيا-هي في جوهرها ليست صهيونية. وأضافت المذكرة: "وإنه في حالة
موافقة الألمان على هذا التعاون سيسعى الصهاينة بكل جهدهم إلى تحويل اليهود في
الخارج عن المناداة بالمقاطعة ضد ألمانيا." –لوسي داوويش: الحرب ضد اليهود-
فرحب الزعماء الهتلريون بتوجهات قادة الصهاينة الذين يتفقون معهم في التخلص من
اليهود من أجل همهم الوحيد بإنشاء دولتهم في فلسطين. وكتب المنظر النازي
الرئيسي" ألفريد روزنبرج": "ينبغي مساندة الصهيونية بكل قوة حتى
يتسنى نقل مجموعة من اليهود الألمان سنويا إلى فلسطين".
-
ألفريد روزنبرج: مسار اليهود على مدار الزمن" مونيخ 1937-.
كما كتب "رينهارت هيدريش" في عام
1935: "يجب علينا أن نقسم اليهود إلى فئتين: الصهاينة والإندماجيين فالصهاينة
ينادون بمفهوم عنصري بحت، وبالهجرة إلى فلسطين، يساعدون على بناء دولتهم اليهودية
الخاصة بهم، ولهم تأييدنا وتشجيعنا". وكتب "مولار شوانت" إلى وزارة
الداخلية الهتليرية ما يلي: "ليس هناك من الأسباب ما يدعو إلى عرقلة النشاط
الصهيوني في ألمانيا بواسطة أي إجراءات إدارية، لأن الصهيونية لا تتعارض مع برنامج
النازية التي هدفها هو إبعاد يهود ألمانيا تدريجيا.-المصدر: الخطاب رقم 21- 83 Zu-1935".
وقد طبقت هذه الأوامر بحذافرها لتأكيد
الإجراءات السابقة. وبفضل هذا المركز التفضيلي للصهيونية في ألمانيا النازية كتب
البوليس السري إلى البوليس في 28 جانفي 1935 هذا المنشور: "ينبغي أن لا يعامل
أعضاء المنظمة الصهيونية وبسبب نشاطهم الموجه نحو الهجرة إلى فلسطين، بنفس
الصرامة الواجبة حيال أعضاء المنظمات اليهودية الألمانية".وابتداء من 1933،
بدأ التعاون الاقتصادي، وأنشئت شركتان هما شركة هعفرا، في تل أبيب، وشركة يالترو
في برلين. وكانت آلية العملية على النحو التالي: يودع أي يهودي يرغب في الهجرة، في
بنك فاسرمان في برلين أو في بنك فاربورج في "هامبورج" مبلغا لا يقل عن
100 جنيه إسترليني وبهذا المبلغ يشتري المصدرون اليهود بضائع ألمانية وجهتها
فلسطين، ومع دفع القيمة المقابلة بالجنيهات الفلسطينية ولحساب شركة هعفرا في البنك
الأنجلو -فلسطيني في تل أبيب، وعندما يصل المهاجر إلى فلسطين، يتسلم ما يعادل
المبلغ الذي أودعه في ألمانيا. وقد شارك عدد كبير من رؤساء وزراء إسرائيل في هذه
العملية ولا سيما: ابن قريون، وموشي شرتوك، وقولدا مايير التي ساندتها من نيويورك
وليفي أشكول الذي كان هو الممثل في برلين". –المصدر: بن قريون وشرتوك".
وقال ابن قريون: "إن مهمة الصهيوني لا تكمن في إنقاذ "بقية"
إسرائيل الموجودة في أروبا، ولكن في إنقاذ أرض إسرائيل للشعب اليهودي".
"واتفق زعماء الوكالة اليهودية على أن الأقلية التي يمكن إنقاذها ينبغي أن
يتم اختيارها وفقا لاحتياجات المشروع الصهيوني في فلسطين". ووعد
"موسوليني" في 26 أكتوبر 1927 "ناحوم قولدمان" رئيس المنظمة
الصهيونية العالمية بالمساعدة في إنشاء الدولة اليهودية بفلسطين". –المصدر:
قولدمان: السيرة الذاتية- و الذي لاحظته أثناء وجودي بفرنسا هو أن المنظمات
الصهيونية تنتق
. وبلغت مناورات
الصهيونية مع النازية ذروتها في سنة 1944 عندما اقترح "إيخامان" على
المندوب الصهيوني "براند" مبادلة مليون يهودي مقابل 10.000 شاحنة
لاستخدامها على الجبهة الروسية دون سواها. فساند دافيد بن قريون وموشى شاريت هذا
العرض. وأخفقت هذه المؤامرة عندما قام الأمريكان والأنقليز بإبلاغ السوفيات بهذه
المساومات. "يهودا باور من جامعة القدس: يهود للبيع: المفاوضات بين النازية
واليهود". وكي لا تخسر الصهيونية أي بيدق من بيادق الصراع، أعلن الزعيم
الصهيوني "فلادمير قابوتنسكي" عام 1934: "إن مصالحنا اليهودية تحتم
القضاء النهائي على ألمانيا، فالشعب الألماني في مجموعه يمثل لنا خطرا
كبيرا". فكان دافيد بن قريون يغازل هتلر وموسوليني، وكان
""فلاديمير قابوتنسكي" يناجي قوى التحالف، وهكذا فإن اليهود يضمنون
دائما مواقعهم بعد الحرب ويبدلون الوثائق التي تدينهم وتورطهم ويزيفون التاريخ بكل
خبث وكيد ومكر، تماما كما حرفوا توراتهم وأبدلوا نصوصها بنصوص تتلاءم مع مصالحهم
المادية الدنيئة ونزواتهم الحيوانية الخسيسة. فلا يتقيدون لا بالشرع ولا بالتشريع.
مما حمل اليهودي الأمريكي "كوفمان" على توجيه نداء سنة 1942 ضمن
كتابه:" يجب إبادة ألمانيا": قال فيه: "إن الألمان لا يستحقون أن
يحيوا". أما عن أسطورة الستة ملايين من اليهود الذين أبادهم "أدولف
هتلر" والتي أصبحت عقيدة تبرر وتضفي القداسة على استبداد وقهر دولة إسرائيل
في فلسطين وفي كل الشرق الأوسط، وفي الولايات المتحدة وفي كل السياسة العالمية،
بوضعها فوق كل قانون دولي فقد اعترف الدكتور كيبوفي من مركز الوثائق في تل أبيب
عام 1960: "لا توجد أي وثيقة ممضاة من هتلر أو هيملر أو هيدريش تتحدث عن
إبادة اليهود… ، ولا تظهر عبارة "الإبادة" في خطاب "قورنق"
الموجه إلى "هيدريش" بشأن الحل النهائي للمسألة اليهودية. المصدر: لوسي
داوديفتش: الحرب ضد اليهود".
كما صرح ريمون أرون
وفرانسوا فيري (وهما من كبار المفكرين الفرنسيين) في مؤتمر صحفي عقد في فيفري
1982. "رغم البحوث المتعمقة، لم يتم العثور مطلقا على أمر من هتلر بإبادة
اليهود".
"المصدر:
والتي لاكير: السر الفظيع" .
وكتب أحد القانونيون
الأمركان الذين أرسلوا إلى "داخاو" بعد أن أصبح معسكرا أمريكيا ومركزا
للمحاكمات ضد جرائم الحرب، يقول:" لقد عشت في "داخاو" طوال 17 شهرا
بعد الحرب كقاضي عسكري للولايات المتحدة، وأستطيع أن أشهد أنه لم يكن هناك أي غرف
للغاز، وما يعرض على الزوار، يقدم بطريقة خاطئة على أنه غرفة للغاز، مع أنه محرقة
لجثث الموتى " ولم يكن هناك أي غرف للغاز في ألمانيا. ويقولون لنا أنه كان في
"أشفيتز" غرف للغاز، ولكننا لم نحصل على إذن من السلطات الروسية التي
كانت تشرف على هذه المنطقة، لزيارتها … كما أنهم يستخدمون الأسطورة القديمة
للدعاية بأن ملايين اليهود قد قتلوا وأستطيع أن أؤكد بعد 6 سنوات على انتهاء الحرب
في ألمانيا والنمسا، أنه كان هناك الكثير من اليهود الذين قتلوا، ولكن رقم المليون
لم يتم بلوغه أبدا. وأعتقد أنني مؤهل أكثر من غيري للحديث عن هذا الموضوع".
"المصدر:
ستيفن بنتر: جريدة زائر الأحد، 14-6-1956".
ويقول المفكر الفرنسي " Roger Garaudy ": إن فيلم الهولوكوست هو أكبر فيلم ساهم في التلاعب بالرأي العام العالمي
والسيطرة عليه، وهو ما يعتبر جريمة ضد الحقيقة التاريخية". " ورغم وجود
خلط لدى الناس بين "محارق الموتى" و "غرف الغاز" ووجود عدد
هام من هذه المحارق في المعسكرات الهتليرية لوقف انتشار وباء " التيفوس"
فإن هذه المحارق ليست بالحجة الكافية فهذه المحارق موجودة في المدن الكبرى كباريس
ولندن وفي كل العواصم الهامة، وحرق الموتى فيها لا يعني بالطبع الرغبة في إبادة
السكان. ولذلك اقتضى الأمر إضافة "غرف الغاز" إلى المحارق لإقامة
الذرائع والتدليل على الإبادة بالنار، ومع ذلك فلم تتوفر المقتضيات المبدئية
لإثبات وجودها، ولم تسمح معاينة "سلاح الجريمة" بالعثور عليها".
"الأساطير المؤسسة: للسياسة الإسرائيلية. « Roger Garaudy »
ومن أساطير اليهود:
أسطورة: "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، ففي تصريح لقولدا مايير رئيسة
الوزراء في إسرائيل بتاريخ 15 جوان 1969 لجريدة الصنداي تايمز اللندنية، قالت:
" لا يوجد شعب فلسطيني، وكأننا نحن الذين جئنا لإخراجه من دياره والاستيلاء
على بلده، فهم لا وجود لهم". فالصهيونية ترتكز على الوعد التالي: " في
ذلك اليوم بث الرب مع "أبرام" عهدا قائلا: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر
مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات". "سفر التكوين 15/18-21".
وحتى إذا سلمنا بصحة
هذا النص المنسوب للتوراة، فإننا نعلم أن إسماعيل هو من ورثة إبراهيم، وبذلك يحق
له أن يكون من أصحاب الأرض الشرعيين تماما كإسحاق ونسله من بني إسرائيل، وانطلاقا
من النص السابق أعلن زعماء الصهاينة –حتى الملحدون منهم- أن فلسطين قد أعطيت لنا
من الرب ثم تسربت هذه الأسطورة إلى كل اليهود. وإحصائيات الحكومة الإسرائيلية تؤكد
أن 15% فقط من اليهود هم من المتدينين، ولكن هذا لا يمنع 90% منهم التأكيد على أن
أرض فلسطين قد منحها لهم الرب .. الذي لا يؤمنون به. وقال ميناحيم بيقين في
"أوسلو" عام 1978: "لقد وعدنا بهذه الأرض، ولنا حق فيها".
وصرح في مناسبة أخرى: "أن أرض إسرائيل الكبرى ستعود إلى شعب إسرائيل، كلها
وللأبد". "المصدر: ميتاحيم بيقين: العصيان، قصة الأرجون وهكذا ومنذ
البداية وضعت دولة إسرائيل نفسها فوق كل قانون دولي.
ولما فرضت إسرائيل على
منظمة الأمم المتحدة في 11 ماي 1949 فإنها لم تقبل عضوا إلا يثلاثة شروط:
*عدم المساس
بوضع مدينة القدس.
*السماح للعرب
الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم.
*احترام الحدود
التي وضعها قرار التقسيم.
ولكن ابن قريون أعلن:
"ترى دولة إسرائيل أن قرار الأمم المتحدة الصادر في 29 نوفمبر 1947 يعتبر
باطلا وكأنه لم يكن". وطوال خمسين عاما من اغتصاب فلسطين من طرف الصهيونية
والإمبريالية وقوى البغي والاستعمار الصليبي تطابقت السياسة الدولية مع قانون
الغاب هذا، الذي فرضه يهود العالم على الأمة العربية. وما كان يمكن ذلك لولا تخاذل
واستسلام وخيانة وغدر ملوك العرب ورؤسائهم وقادة جيوشهم، ولولا خمول الشعوب
العربية ورضاها بالذل والاستعباد والحياة الرخيصة وصدق الشابي في قوله في قصيدة
إرادة الحياة:
إذا الشعب يوما أراد
الحــياة
فلا بد أن يستجيب القـدر
ولا بد للظلم أن
ينجـــلي
ولا بد للقيد أن ينكســر
ولقد تمادى اليهود في
استغلال ضعف الملوك والرؤساء العرب واستولوا على أراض عربية جديدة في كل غزوة من
غزواتهم التي تكاثرت واستفحلت حتى بلغت ذروتها في هزيمة مصر وسوريا والأردن ولبنان
في سنوات 1956 و1967 وفي السنوات التي تلتها. حتى استسلم العرب نهائيا في مؤتمر
مدريد سنة 1992 في ذكرى استرداد الأندلس من النصارى وسقوط غرناطة سنة 1492.
واليهود لم ولن يترددوا لحظة واحدة في اغتيال وتحطيم كل من يعترض سبيلهم أو يفضح
أساليبهم في اغتصاب الأرض، أو نهب الشعوب أو التصدي لمشاريعهم الجهنمية داخل
فلسطين المغتصبة أو في شتى أنحاء العالم. ومثالنا على ذلك هو أن الأمم المتحدة لما
عينت "الكونت فولك برنادوت" وسيطا لمد مجلس الأمن بتقرير حول الوضع في
فلسطين حرر تقريره الأول ودون فيه السلب الصهيوني على النطاق الواسع للأراضي
وتدميرهم للقرى دون ضرورة عسكرية ملحة، وقدمه في 16 سبتمبر 1948، فاغتاله اليهود
في 17 سبتمبر 1948 في القدس المحتلة. وليست هذه أول جريمة صهيونية ولا آخر
الجرائم. فهم الذين قتلوا أنبياء الله في العصور الغابرة، وهم الذين نهبوا أموال
الشعوب، وهم الذين زرعوا الفتن بين أمم الأرض، وهم الذين دنسوا الأخلاق وعبثوا بقيم
البشرية الخالدة. ولقد استنتج الفيلسوف الفرنسي
« Voltaire » كل هذا فوصف اليهود بأنهم:
"أمة حقيرة، وشعب من اللصوص، فظيع، رجس، ناموسه، ناموس المتوحشين، وتاريخه
نسيج من الجرائم ضد الإنسانية". "المصدر: قصة الحضارة: للمؤرخ الأمريكي
وول ديورانت".
وقال عنهم الفيلسوف
الفرنسي « rousseau »: "إن اليهود يقدمون لنا مشهدا عجيبا، فقد ماتت قوانين
"صولون" و "نوما" و"ليكرجوس" أما شرائع
موسى –الأقدم بكثير – فما زالت حية، وقد بادت
"أثينا"و"إسبرطة" و "روما" ولم تترك خلفا على
الأرض، أما صهيون –التي دمرت- فلم تفقد بنيها، فقد احتفظوا بكيانهم وهم يتكاثرون
وينتشرون في أرجاء العالم … وهم يخالطون كل الشعوب دون أن يذوبوا فيها، وليس لهم
حكام، ومع ذلك فهم دائما شعب". المصدر: قصة الحضارة: وول ديورانت.
ورغم أن حظ اليهود في
الأقطار الإسلامية كان خيرا من حظهم في الأقطار المسيحية شهدت بذلك " الليدي
ماري ورتلي" إذ وصفت حالهم في تركيا عام 1717 فقالت:" إن اليهود يتمتعون
بسلطان لا يصدق في هذا البلد، فلهم امتيازات كثيرة يفوقون فيها جميع الأهالي
الأتراك أنفسهم، لأنهم يحاكمون طبقا لقوانينهم، وقد استقطبوا كل تجارة
الإمبراطورية الإسلامية في أيديهم، … ولكل " باشا"مساعده اليهودي [
تماما كالآن: لكل ملك أو رئيس "مستشار يهودي" ] الذي يدير أعماله. وهم
الأطباء والوكلاء والمترجمون لأكابر القوم أجمعين، … وكثير منهم ذوو ثراء عريض.
بينما اعتبر القساوسة المسيحيون في مجمعهم سنة 1733م أن المبرر الوحيد للتسامح مع
اليهود هو أنهم قد يصلحون "أداة للتذكير بعذاب المسيح و آلامه، ومثلا يضرب
بعبوديتهم وبؤسهم للعقاب العادل الذي ينزله الله تعالى بالكافرين". وفي سنة
1716 نشر يهودي في "بولونيا" يدعى "أفانوفيتش" كتابا أسماه:
"فضح الشعائر اليهودية" اتهم فيه اليهود باستعمال دم المسيحيين لشتى
الأغراض السحرية من تلطيخ أبواب المسيحيين ومزجه بالفطير الذي يأكلونه في عيد
الفصح، وغمس قطعة قماش فيه محتوية على "تعزيمة" يقصد بها حماية بيت أو
إنجاح تجارة. واتهم اليهود غير ما مرة بقتل الأطفال للحصول على دماء المسيحيين من
أجل استعمالها في الطلاسم والسحر. ومن جرائم اليهود المشهودة: مذبحة" دير
ياسين" في التاسع من أفريل 1948 التي قتل فيها أهالي القرية بتمامهم رجال
ونساء شيوخ وأطفال وعددهم 254 شخصا على أيدي منظمة الإرهاب الصهيونية
"الأرجون" والتي كان يرأسها مناحيم بيقين الذي استسلم له رئيس مصر في
القدس وفي "إسطبل داوود" بواشنطن في الثمانينات من هذا القرن الذي أهين
فيه العرب وتسلطت فيه النصرانية واليهودية على المسلمين جميعا بأفظع ألوان
التسلط والبغي والظلم والعنف والاحتقار. وما كان يمكن ذلك لولا تخاذل ملوك ورؤساء
المسلمين ولولا تقاعس الشعوب الإسلامية عن الجهاد في سبيل الله وبعدهم عن أركان
العقيدة الإسلامية واندماجهم في مشاريع الفساد والميوعة والمتعة. ومن جرائمهم
المشهودة أيضا: اغتيالهم اللورد"موين" الوزير المفوض البريطاني في
القاهرة الذي أعلن يوم 9 جوان 1942: أن اليهود ليسوا أحفاد العبرانيين القدماء، وليس
لهم الحق في المطالبة الشرعية بالأراضي المقدسة، فقتله اثنان من جماعة
"شتيرن" الإرهابية التابعة لإسحاق شامير وبينما يتمتع اليهود إلى الآن
بحرية السياحة في كل أرجاء البلاد العربية فإن التمييز العنصري في إسرائيل هو ركن
من أركان الأساطير المؤسسة للدولة اليهودية في فلسطين المغتصبة. فقد ذكر
"إسرائيل شاحك" الأستاذ بالجامعة العبرية في كتابه: "عنصرية دولة
إسرائيل" أنه يوجد في إسرائيل مدن بأكملها [كارمل، ونزارت، وإليات،
وهتزور، وآراد، وميتزفين] يحرم القانون أن يقطنها العرب. ومن جرائم اليهود في
فلسطين المغتصبة، اغتصابهم لأكثر من 93% من الأراضي العربية، بينما كانوا لا
يملكون أيام وعد "بلفور" المشؤوم سنة 1917 سوى 2,5% من أراضي فلسطين.
ومن جرائم اليهود في فلسطين المغتصبة تدمير القرى والمدن العربية بشتى وسائل العنف
والإرهاب. ولمحو ذكرى وجود العرب والتأكيد على أسطورة "بلاد صحراء" دمرت
385 قرية عربية من بين 475 قرية كانت مسجلة في عام 1948. ذكر ذلك الأستاذ "
إسرائيل شحاك" في كتابه: عنصرية دولة إسرائيل. فقد أكد أن اليهود دمروا تلك
القرى "بالبو لدوزير" فهدمت المنازل والأسوار ولم يتركوا حتى المقابر. وأي
يهودي قادم من أي مكان من العالم يصبح مواطنا إسرائيليا بمجرد ما تطأ قدماه مطار
تل أبيب، أما العربي الفلسطيني المولود في فلسطين ومن أصل فلسطيني فهو عديم
الجنسية، وهو متشرد في شتى أنحاء العالم. بينما تؤكد وثائق التاريخ الصحيح أن عدد
اليهود في فلسطين كان سنة 1880م لا يتعدى 25.000 نسمة، وأن عدد العرب في فلسطين
475.000 نسمة، قفز هذا العدد من اليهود بعد عمليات ذبح اليهود في روسيا القيصرية
سنة 1882، وبعد هجرة اليهود الذين فروا من الحربين العالميتين من أروبا إلى
450.000 نسمة حتى عام 1945. وعشية إنشاء دولة إسرائيل في عام 1947 كان هناك 600.000
يهودي في فلسطين. وهو تقريبا عدد اليهود الذين عبروا البحر مع موسى عليه السلام
قبل هلاك الفراعنة. وكشفت رابطة حقوق الإنسان في إسرائيل أنه في الفترة من 11 جوان
1967 إلى 15 نوفمبر 1969 دمر 20.000 منزل عربي بالدبناميت في فلسطين. ويقول المفكر
الفرنسي" Roger Garaudy "الذي استعنت بكتابه في الكلام عن الصهيونية والدولة اليهودية:
" … وهذا الكم الهائل من انتهاكات القانون الدولي مرجعه نظرة إسرائيل إلى
القانون، الذي يعتبر بالنسبة لها مجرد " قصاصة ورق" لا قيمة لها، أو كما
يقول الأستاذ إسرائيل شاحاك: "لأن هذه المستوطنات، بطبيعتها تندرج ضمن نسق
متكامل من النهب والسلب والتفرقة والفصل العنصري". –المصدر: الأساطير المؤسسة
للسياسة الإسرائيلية-.
فدولة اليهود التي
اغتصبت فلسطين وانتصبت على صدور العرب والمسلمين هي من أفظع وأبشع وأعنف وأطغى
وأبغض وأشنع وأدهى دول العالم الحديث والقديم. ذبحت عرب "دير
ياسين" وفتكت بمخيمات "صبرى وشتيلا" واغتالت المصلين في الحرم
الإبراهيمي بالخليل، وشردت ملايين العرب، واغتصبت أراض شاسعة من مصر ولبنان وسوريا
والأردن، وقصفت قرى كاملة في تونس والعراق، وأسقطت طائرات مدنية تحمل ميئات المسافرين
من إيران وليبيا، ونهبت اقتصاد الأمة الإسلامية بأكملها، وأشعلت نيران الحرب في كل
قارة من كوكب الأرض. ووضعت في حالة فزع دائم أكثر من مائتي قنبلة نووية في اتجاه
العواصم الاقتصادية والمراكز الصناعية والمناطق العسكرية والبنية الحيوية والسدود
الكبرى والقواعد الجوية الموجودة في البلاد الإسلامية من محيط الظلمات إلى المحيط
الهادي: أي من مراكش إلى جاكارتا، ومن لاقوس إلى الشاشان: لا فرق بين أمة العرب
وأمة الفرس وأمة الأتراك وأمة البلقان وأمة الأفغان وأمة مطلع الشمس. ومن أفضع ما
دونه الزمان هو قطع وتهشيم أيدي الأطفال في ثورة الحجارة بفلسطين المغتصبة، ومن
أبشع ما ارتكبه المجرمون اليهود هو دفن الفلسطينيين أحياء في الأرض وانتزاع عيونهم
وكلاهم وقلوبهم منهم وبيعها لشركات زرع الأعضاء البشرية المنتشرة في شتى أنحاء
العالم. واستعمالها كقطع غيار لدى مرضى الأثرياء من شياطين الإنس. كما ورد في مذكرات
أناس نز هاء أن اليهود يمتصون دماء المساجين العرب ويبيعون ذلك إلى بنوك الدم.
ولقد بث التلفزيون الإسرائيلي شريطا وثائقيا عن التعذيب في السجون والمعتقلات
الإسرائيلية اعترف فيه جندي مقنع بأنه كان ينهال بالضرب العنيف على عشرة إلى خمسة
عشر من السجناء العرب، وأضاف: إن التعليمات الوحيدة التي تلقيتها هي أن لا أقتل
الذين أعذبهم، واعترف أن معظمهم كانوا يرفعون من زنزانات التعذيب وهم محطمي
الجماجم والأذرع والأرجل والأضلع، فاقدين الوعي تماما … وأردف قائلا: إنه ورفاقه
(اليهود) كانوا يسكبون الخل والسوائل المحرقة الحامضة على جروح المعذبين العرب.
وأوضح مخرج البرنامج أن إسرائيل سجنت مائة وعشرة آلاف من العرب الفلسطينيين خلال
ثورة الحجارة، تعرضوا كلهم إلى التعذيب النفسي والبدني طبقا لآخر صيحة في عالم
التوحش والعنف والفظاعة وذكر أيضا أن جماعة حقوق الإنسان الذين كشفوا عن جرائم
الدولة اليهودية، قد دونوا أبحاثهم في حوالي 316 صفحة ملئت كلها بآلام البشر
ومآسيهم. كل ذلك وقع وما زال يقع بمرأى ومسمع من منظمات شياطين الكون
وبتزكية مؤكدة من شياطين الحكم. ودسائس اليهود ضد الإنسانية بصفة عامة لا يكاد
يخلو منها عصر من عصور التاريخ، وقد ورد في "برتوكلات حكماء صهيون" ما
يلي: " … بجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان، لتسهل سيطرتنا على الشعوب
والدول. إن "فرويد" منا، وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس، لكي
لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس، فيصبح همه الأكبر إشباع غرائزه الجنسية.
لقد رتبنا نجاح "دارون" و"ماركس" و"فرايد" بالترويج
لآرائهم. وإن الأثر الهدام للأخلاق الذي تحدثه نظرياتهم في الفكر غير اليهودي،
واضح لنا بكل تأكيد …". إن هدفهم العام هو تدمير الأخلاق البشرية وهدفهم
الخاص هو طمس القيم الإسلامية كي يخلو لهم كوكب الأرض فيمارسوا كل الرذائل المنكرة
والجرائم الفظيعة وينغمسوا في الفساد والزنى والخمر والربا وكل المنكرات الأخرى
التي لا تستقيم حياة اليهود بدونها. وكل ذلك تحت ستار أسطورتهم المفضلة: "شعب
الله المختار" فاليهود قد حرفوا معنى الألوهية التي جاء بها موسى عليه
السلام فصنعوا لهم صنما متحيزا حاقدا ناقما، قد اختص برحمته شعبا واحدا مختارا.
فأساطير دينهم المحرف وخرافات التلمود تغرس في نفس اليهودي منذ نشأته الأولى أنه
ينتمي إلى شعب الله المختار، وأن جميع الشعوب الأخرى هي شعوب ضالة جاهلة لا
يستحقون أكثر من أن يكونوا حميرا يمتطيها اليهود من أجل التفوق والتميز والتمييز
العنصري. "المصدر: سعد جمعة: الله أو الدمار".
وفي خاتمة هذا الفصل
أريد أن ألاحظ أن حقوق اليهود المزعومة من النيل إلى الفرات وحتى منابع النفط
العربية التي كثيرا ما تشدق بها زعماء دولة إسرائيل هي مزاعم باطلة ولاغية، وذلك
للأسباب الآتية: إن هجرة بني إسرائيل الأولى إلى مصر على عهد يوسف عليه السلام
كانت بدافع الجوع والفقر، فلما خرجوا منها مع موسى عليه السلام، ووضعوا حدا
للعبودية التي استهدفتهم طوال مكوثهم في جوار الفراعنة، لم ينشأ لهم من جراء ذلك
أي حق تاريخي في امتلاك أرض النيل، ولقد استوفوا حقوقهم كعبيد للمصريين بما تقاضوه
من أجر وهو خمس ما ينتجونه. أما إبراهيم عليه السلام فلم يكن مصريا حتى يعتبروا
مصرا إرثا لسلالته. أما العراق فقد تركها خليل الله إبراهيم عليه السلام كي يتفرغ
إلى عبادة الله الواحد الأحد لما يئس من إيمان الكلدانيين وعلم أنهم
سيتمادون في عبادة الأصنام والكواكب، وسلالة إبراهيم عليه السلام لا تنحصر في
إسحاق عليه السلام، بل كان أول من ولد له هو إسماعيل من هاجر المصرية، ثم ولد له
إسحاق من سارة بنت عم الخليل ومنه ينحدر بنو إسرائيل، ثم ولد له من
"قنطورا" بنت يقطن الكنعانية ستة: مدين وزمران، وسرج ويقشان، ونشق، ولم
يسم السادس، ثم ولد له من "حجون" بنت أمين خمسة: كيسان، وسورج، وأميم،
ولوطانس، ونافس. هكذا ذكره ابن كثير في قصص الأنبياء عن أبي القاسم السهيلي في
"التعريف والإعلام". فنلاحظ أن عدد أولاد إبراهيم الخليل عليه السلام هو
13 إذن فإن إرث إسحاق عليه السلام لا يزيد في أحسن الحالات عن حصة من 13 حصة وإرث
بني إسرائيل من "كنعان" لا يزيد عن ذلك السهم أي7,7 % من أرض كنعان. رغم
أنهم قد تركوها تارة من شدة المجاعة وأطوارا كثيرة فرارا من الغزاة. ولقد رأينا
سابقا أن اليهود يملكون 93% من أرض فلسطين المغتصبة. أما دعوى اليهود المزعومة في
حقهم في منابع النفط العربية، فهم بالطبع يقصدون المدينة المنورة حيث كان يسكنها
يهود بني قريضة وبني قينقاع وخيبر، لكن حقهم المزعوم هذا قد ألغاه جبرائيل عليه
السلام لما أمر نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بقطع دابر اليهود من الحجاز
والخلاص بصفة نهائية من كيدهم ومكرهم ضد المسلمين.فعدم تصديقهم بما جاء به سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم وتأليب قبائل العرب ضده قد ألغى حقهم في يثرب وما حولها،
ورفضهم الدخول مع موسى عليه السلام على الكنعانيين إذ قالوا له: "يا موسى إن فيها
قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن خرجوا منها فإنا داخلون" قد
ألغى جميع ما اختلقوه من أكاذيب وكفرهم برسالة عيسى بن مريم عليه السلام جلب لهم
سخط الإمبراطور الروماني فشردهم في مناطق عديدة من كوكب الأرض. فما هو إذن ذنب
الفلسطينيين الذين حافظوا على وجودهم بأرض الكنعانيين بكل ثبات ورباطة جأش حتى
ظهور عصابات الإرهاب اليهودية بدعم من قوى البغي والظلم في عالم القرن العشرين
وعلى رأسها أمريكا؟ ولقد سجل الشعب الفلسطيني الأبي أروع آيات الجهاد ضد
الصليبيين وضد الأنقليز وضد اليهود، ولسوف ينتصر الحق على الباطل مهما طال ليل
العرب ولسوف يلقى كل ظالم جزاءه الأوفى. واجتهدت كثيرا كي أجد أسباب خبث اليهود
ولؤمهم وخستهم فلم أجد لهم أعذارا إلا ما تكرم به عليهم مؤسس علم الاجتماع ابن
خلدون، إذ قرر في مقدمته- في سياق الحديث عن أساليب التربية والتعليم ما يلي
حرفيا: " … ينبغي للمعلم في متعلمه والوالد في ولده ألا يستبدا عليهما في
التأديب"، ثم يعمم الشيخ ابن خلدون تأثيرات العسف والقهر على الأمم وخاصة
اليهود، إذ يقول: " … وهكذا وقع لكل أمة حصلت في قبضة القهر ونال منها العسف،
وانظره في اليهود، وما حصل بذلك فيهم من خلق السوء حتى أنهم يوصفون في كل أفق وعصر
بالتخابث والكيد، وسببه هو القهر والعسف". –المصدر:مقدمة ابن خلدون-.
قال الله تبارك وتعالى: "إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في
نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك
هم خير البرية، جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا
رضي الله عنهم ورضوا عنه، ذلك لمن خشي ربه،".
"البينة:
6-8"
وقال الحق تبارك
وتعالى: "ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون.
لن يضروكم إلا أذى، وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون. ضربت عليهم الذلة
أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله، وضربت عليهم
المسكنة. ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق، ذلك بما
عصوا وكانوا يعتدون. ليسوا سواء: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله، آناء
الليل وهم يسجدون، يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر،
ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين. وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم
بالمتقين". "آل عمران: 110-115". وبقوله
عز وجل :"لكن الراسخون في العلم منهم و المؤمنون يؤمنون بما أنزل اليك و ما
أنزل من قبلك و المقيمين الصلاة و المؤتون الزكاة و المؤمنون بالله واليوم
الاخر أولئك سنؤثيهم أجرا
عظيما.
"النساء: 162"
وأستغفر
الله تعالى إن كنت قد آذيت الصالحين والمتقين من أهل الكتاب، رغم أني لم أعثر ولم
أسمع بوجود واحد منهم في أمة اليهود الموجودة الآن على كوكب الأرض. ولا حول ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم.
رغم إيماني بقول الله
تعالى: " و إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم،
خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا، أولئك لهم أجرهم عند ربهم، إن الله
سريع الحساب"
"
آل عمران: 199".
وبقوله سبحانه *لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون
يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة
والمؤمنون بالله واليوم الاخر اولئك سنؤتيهم اجرا
عظيما
*النساء 162*