Pages

samedi 8 juin 2013

شياطين الانس-------------1-2-2-3-الحياة البرزخية


شياطين الانس-------------1-2-2-3-الحياة البرزخية




3-2-2-1-حياة البرزخ

تزود إلى يــوم المـمــات فإنــه وإن كـرهته النفس آخـر موعـد قال زهير بن ابي سممى تزود الى يوم الممات فانه وان كرهته النفس اخر موعد 

وقال ابو نواس لئن عمرت دور بمن لا تحبه فقد عمرت ممن تحب القبور 
وقالت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما احتضر أبو بكر الصديق رضي الله عنه

لعمـرك ما يغنـي الثـراء عن الفـتى إذا حشرجـت يومـا وضاق بها الصدر

فكشف الصديق عن وجهه وقال: "ليس كذلك ولكن قولي

"وجاءت سكرة الموت بالحق، ذلك ما كنت منه تحيد". "ق: 19".

اما خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز فقد حمد الله واثنى عليه في اخر خطبة له ثم قال اما بعد ايها الناس انكم لم تخلقوا عبثا ةلن تتركوا سدى وانلكم معادا ينزل الله فيه الحكم والفصل بينكم فخاب وخسر وشقي عبد اخرجه الله من رحمته وحرم جنة عرضها السماوات والارض الم تعلموا انه لا بامن عذاب الله غدا الا من حذر هذا اليوم وخافه وباع نافدا بباق وقليلا بكثير وخوفا بامان الا ترون انكم من اصلاب الهالكين وسيكون من بعدكم الباقين حتى تردون الى خبر الوارثين ثم انكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا الى الله عز وجل قد قضى نحبه وانقضى اجله حتى تغيبوه في صدع من الارض غير ممهد ولا موسد قد فارق الاحباب وباشر التراب وواجه الحساب مرتهن بعمله غني عما ترك فقير الى ما قدم فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم *تفسير ابن كثير سورة المؤمنين* إن مرحلة القبر هي بمثابة مرقد ينام فيه معشر الإنس: الهياكل ههنا في أديم كوكب الأرض، والأرواح هناك في أرجاء الفضاء بالملكوت الأعلى. ولكل إنسان برزخ خاص به لا ينفعه إيمان غيره- إلا أن يكون قد تسبب فيه وحث عليه- ولا يضره كفر الكافرين- إلا أن يكون قد شجع عليه وسهل الطريق إليه-.

كل نفس رهينة بما كسبت. أما استعمالي لمصطلح: المرقد فقد نتج عن قول الله تبارك و تعال:

"ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون، قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا، هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون، إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون". " يس: 51-53".

تبدأ المرحلة البرزخية بالقيامة الصغرى وتنتهي يوم الفزع الأكبر بالقيامة الكبرى. ولا يستطيع الميت أثناءها أن يغير شيئا مما دونه الكتبة الكرام من كل ما فعله مدة الحياة الأولى بارادته أو بإيحاء من غيره، وما تركه خلفه من المشاريع والأهواء والأوهام والمذاهب والمناهج. دليلنا على ذلك ما جاء من الأخبار المقدمة عن أقوال الناس يوم الفصل كقوله تعالى: "يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ؟ ووجدوا ما عملوا حاضرا، ولا يظلم ربك أحدا" "الكهف: 59". 

وكقوله تعالى: "وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا. ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين". "آل عمران: 145"

و قوله تعالى: "كل نفس ذائقة الموت، و إنما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور". "آل عمران: 158"

وقوله تعالى: "إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين". "يس: 12".

والمقصود من "آثارهم " هو ما بقي بعد الموت من الأعمال والأفكار والمشاريع التي كلفوا غيرهم بمواصلة إنجازها عندما غادروا الحياة الأولى إلى الحياة الوسطى، وبرهاني على هذا قوله تعالى عن يوم القيامة: "يقول الإنسان يومئذ أين المفر ؟ كلا لا وزر، إلى ربك يومئذ المستقر، ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ". "القيامة: 8-13"

وروي عن نبينا الكريم –صلى الله عليه وسلم- أنه لما تغشاه الموت جعل – عليه الصلاة والسلام- يمسح العرق عن وجهه ويقول

"سبحان الله إن للموت لسكرات". ولما حضر الموت معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: مرحبا بالموت زائر مغب، حبيب جاء على فاقة. اللهم كنت أخافك، فأنا اليوم أرجوك. اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمإ الهوا جر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر"."رواه الإمام أحمد رحمه الله". ويروى عن آدم العسقلاني أنه لما حضرته الوفاة ختم القرآن وهو مسجي، ثم قال: بحبي لك إلا رفقت بي في هذا الموضع، كنت أؤملك لهذا اليوم، كنت أرجوك، ثم قال: "لا إله إلى الله"، ثم قضى. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة فقال: "توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشتغلوا، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم تسعدوا، وأكثروا الصدقة ترزقوا، وأمروا بالمعروف تخصبوا، وانهوا عن المنكر تنصروا. أيها الناس: إن أكيسكم أكثركم ذكرا للموت، وأكرمكم أحسنكم استعدادا له. ألا وإن من علامات العقل التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود والتزود لسكنى القبور، والتأهب ليوم النشور". "رواه ابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله".

واعتبر أبو القاسم الشابي الموت خلاصا من كروب الحياة وأتعابها، وراحة للإنسان من قسوة الجبابرة وظلمهم، فقال:

إلى الموت إن عذبتــك الدهـور فـفي الموت قـلب الدهور الـرحيم

إلى الموت فالمـوت مهد وثــير تنـام بأحضانــه الكـائنـــات وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت في الحديث المتفق عليه الاتي *لايتمنين احدكم الموت لضر اصابه فان كان لا بد فاعلا فليقل اللهم احيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني اذا كانت الوفاة خيرا لي* 

وعن معاذ بن جبل –رضي الله عنه- عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وجبت له الجنة. "رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى"

وعن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من شهد أن: لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، حرم على النار". رواه الامام مسلم رحمه الله تعالى ولما اسري برسول الله صلى الله عليه وسلمالى سدرة المنتهى بالسماء السابعة اعطي ثلاثا اعطي الصلوات الخمس واعطي خواتيم سورة البقرة وغفر لمن لم يشرك بالله من امته شيئا المقحمات *ابن كثير التفسير ومعنى المقحمات الاعمال التي تقحم الناس في النار* ".

ولقد خذل خلق كثير عند موت أحبابهم، فمنهم من خرق ثوبه، ومنهم من اعترض على قضاء الله ومنهم من لطم وجهه ومنهم من أضاع عقله، ومنهم من أهلك نفسه، ومنهم من قضى بقية عمره حزينا ساخطا. وخذل خلق كثير عند الموت: فمنهم من أتاه الخذلان من أول مرضه فلم يستدرك قبيحا مضى، ومنهم من كفر، ومنهم من اعترض وتسخّط، وذلك هو معنى سوء الخاتمة، نعوذ بالله تعالى من الكفر والخذلان والإرتداد والاعتراض على قضاء الله تعالى وقدره. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:

"لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة: في جسده، وفي ماله، وفي ولده، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة". "رواه أحمد والترمذي".

وبعد الموت فإن الإنسان ينتفع مما بقي من آثاره الطيبة مثل العلم النافع والولد الصالح والصدقة الجارية. ويتراكم عليه أوزار ما خلّفه وراءه من العلوم الفاسدة والذرية الأشرار والقوانين الجائرة والنظريات المضللة والمذاهب الماكرة كالنشوء والارتقاء والشيوعية و الدهرية والدورية والشرك وعبادة الأصنام والصلبان والأوثان والكواكب والحيوان، والجحود والتحريف والانحراف والتضليل والتثليث والتناسخ والخروج عن جماعة المسلمين كالخوارج والرافضة والباطنية. و يلحق الإنسان بعد موته أوزار ما اخترعه من أسلحة فتاكة وجراثيم مفنية وكيميائيات ملوثة لكوكب الأرض. أما البرهان الشرعي على انتفاع المسلم الميت من آثار ما تسبب فيه عندما كان على قيد الحياة ما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم نافع ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". وقال النبي صلى الله عليه وسلم-: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".

كما قال عليه الصلاة والسلام: "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سن القتل".

وقال الله تعالى: "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم، ألا ساء ما يزرون".

وأكد الشيخ ابن القيم -رحمه الله- في كتاب "الروح": " … فإن كان هذا في العذاب والعقاب، فالفضل والثواب أولى وأحرى …" ، وبرهن على انتفاع الميت المؤمن بآثاره التي يتركها وراءه، فقال:

" … الدليل من القرآن قوله تعالى:

" والذين جاءوا من بعدهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان" "الحشر: 10"

فأثنى الله سبحانه عليهم. كما دل على انتفاع الميت بالدعاء إجماع الأمة الإسلامية على الدعاء له في صلاة الجنازة…"

" … والدليل من السنة النبوية الشريفة قوله- صلى الله عليه وسلم-:

إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء". و قد جاء في الأثر أن الله تبارك وتعالى يرفع درجة العبد في الجنة فيقول: أنى لي هذا ؟ فيقول بدعاء ولدك لك…"

"… و سأل سعد بن عبادة رضي الله عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله: إن أم سعد ماتت، فأي الصدقة أفضل ؟ قال صلى الله عليه وسلم: الماء. فحفر سعد بئرا وقال هذه لأم سعد." "عن كتاب الروح: ابن القيم رحمه الله تعالى".

إن روح الإنسان يصعد بها رسل الموت إلى مأوى الأرواح، فإذا جاء يوم القيامة أعيدت الأرواح إلى خلق بشري جديد. وعن أرواح الشهداء أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم:

"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون". " آل عمران:169"

– رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى-.

كما قال تعالى: "ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات، بل أحياء ولكن لا تشعرون". "البقرة: 154"

أما عن الأرواح المعذبة في المرقد البرزخي فقد ورد خبر عن أطغاها: " وحاق بآل فرعون سوء العذاب: النار يعرضون عليها غدوا وعشيا، ويوم تقوم الساعة: أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" "غافر: 46".

وخبر عن الكفار في قوله تعالى: " ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم، وذوقوا عذاب الحريق، ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد". "الأنفال: 50-51".

وكان مصير الروح بعد الممات شغل جل الفلاسفة فتساءل الرازي عنه في قوله:

لعمري ما أدري وقد آذن البلـى بعاجل ترحال إلى أيـن ترحـــــالي

وأين محل الروح بعد خـروجـه من الهيكل المنحل والجسد البـــــالي ؟

وقال عنها ابن سينا:

وصلت على كره إليك وربما كرهت فراقك وهي ذات تفــــجـع

وهي التي قطع الزمان طريقها حتى إذا غربت بغير المطلـــــــع

فكأنها برق تألق بالــحمى ثم انطوى فكأنه لم يلمــــــــع

كما قال:

… والنفوس الكاملة إذا فارقت، اتصلت بالفيض الإلهي عند سدرة المنتهى، تحت عرش الرحمان وفي جواره وفي عالمه الأول، ناظرة إلى ذاته كما قال تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة". "أدب العلماء: الدكتور السويسي".

ونؤكد في هذا البحث أن عذاب البرزخ لا يمكن لنا معاينته عن طريق الحواس الخمسة رغم ثبوته بالقرآن والسنة، فقد أجرى الجراح الفرنسي، عضو الأكادمية الفرنسية للعلوم : « 
Maurice Bucaille »تشريحا طبيا دقيقا على جثث الفراعنة المحنطة فلم يشاهد آثار التعذيب والحرق المعهودة عند البشر رغم أنه استعمل أجهزة علمية عصرية، فالله جل شأنه أدرى وأعلم بأسرار بطشه وأليم عذابه. فقد روى الصحابي الجليل أنس ابن مالك رضي الله عنه حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل دلالة قاطعة على وجود عذاب القبر: "لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر" كما أكد ذلك قوله تعالى: "فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم. ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم".

"محمد عليه الصلاة والسلام: 27-28.

والمرء –مهما كانت أعماله صالحة- فإنه بعد موته يصير أمره إلى الله سبحانه وتعالى، لا يدري أحد ما الله صانع به. إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه. وكثيرا ما نسمع من الجهال أن فلانا قد مات شهيدا وفلانا يمرح في روضات الجنان لأنه كان صالحا في حياته، فمن أين عرفوا ذلك ؟ ومن أين عرفوا أن أعماله مقبولة ؟. .

-1-2-2-4 -وفاة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم

لمزيد الاتعاظ والعبرة أنقل بإيجاز المجلس السادس عشر من مجالس كتاب:" درة الناصحين في الوعظ والإرشاد" للشيخ الجليل عثمان الخوبري من علماء القرن التاسع هجري، روى فيه قصة وفاة خاتم الأنبياء وإمام المرسلين صلى الله عليه وسلم: قال ابن مسعود رضي الله عنه: لما دنت وفاة النبي عليه الصلاة والسلام جمعنا في بيت أمنا عائشة، ثم نظر إلينا فدمعت عيناه وقال: "مرحبا بكم، رحمكم الله، أوصيكم بتقوى الله وطاعته، قد دنا الفراق وقرب المنقلب إلى الله تعالى وإلى الجنة المأوى. فليغسلني علي وليصب الماء الفضل بن عباس وأسامة بن زيد بيمينهما، وكفنوني في ثيابي إن شئتم، أو حلة يمانية بيضاء، فإذا غسلتموني ضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير لحدي ثم اخرجوا عني ساعة: فأول من يصلي علي الله عز وجل، ثم جبرائيل،ثم ميكائيل ثم إسرافيل، ثم ملك الموت مع جنوده، ثم سائر الملائكة، ثم ادخلوا علي فوجا فوجا وصلوا علي". فلما سمعوا فراق النبي عليه الصلاة والسلام صاحوا وبكوا وقالوا: يا رسول الله: أنت رسولنا وجامع شملنا وسلطان أمرنا، إذا ذهبت عنا فإلى من نرجع ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : "تركتكم على المحجة البيضاء، وتركت لكم واعظين: ناطقا وصامتا، فالناطق: القرآن والصامت: الموت. إذا أشكل عليكم أمر فارجعوا إلى القرآن والسنة، وإذا قست قلوبكم فلينوها بالاعتبار في أحوال الموت". ثم مرض رسول الله عليه الصلاة والسلام في آخر شهر صفر وظل مريضا ثمانية عشر يوما يعوده الناس. وكان ابتداء مرضه الذي مات فيه صداعا عرض له عليه الصلاة والسلام. بعث عليه الصلاة والسلام يوم الاثنين ومات فيه. فلما كان يوم الاثنين ثقل مرضه، فأذن بلال آذان الصبح، وقام بباب رسول الله، فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقالت فاطمة: إن رسول الله مشغول بنفسه. فدخل بلال المسجد ولم يفهم كلامها. فلما أسفر الصبح جاء بلال ثانيا، وقام بالباب، فقال كذلك، فسمع رسول الله صوته فقال: "أدخل يا بلال"، فدخل باكيا، فقال عليه الصلاة والسلام: "إني مشغول بنفسي وثقل علي مرضي، يا بلال: مر أبا بكر أن يصلي بالناس". فخرج بلال باكيا ودخل المسجد، فقال: "يا أبا بكر، إن رسول الله يأمرك أن تصلي بالناس، هو مشغول بنفسه". فلما رأى أبو بكر محراب رسول الله خاليا منه لم يتمالك نفسه، فضج المسلمون معه، فسمع النبي عليه الصلاة والسلام ضجيجهم. فقال:" يا فاطمة، ما هذا الصياح والضجيج ؟" فقالت: "ضج المسلمون لفقدك منهم". فدعا رسول الله عليا والفضل بن عباس واتكأ عليهما فخرج إلى المسجد وصلى رسول الله بهم ركعتي الفجر من يوم الاثنين، ثم ولى بوجهه إلى الناس، فقال عليه الصلاة والسلام: "يا معشر المسلمين أنتم في وداع الله تعالى وكنفه، عليكم بتقوى الله وطاعته، فإني مفارق الدنيا، وهذا أول يومي من الآخرة وآخر يومي من الدنيا". ثم قام وذهب إلى بيته. فأوحى الله تعالى إلى ملك الموت: "أن اهبط إلى حبيبي بأحسن صورة وارفق به في قبض روحه، فإن أذن لك أن تدخل فادخل، وإن لم يأذن لك فلا تدخل وارجع". فهبط ملك الموت على صورة أعرابي، فقال: "السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، أأدخل ؟". فأجابت فاطمة، فقالت: "يا عبد الله، إن رسول الله مشغول بنفسه ثم نادى الثانية، فقال: "السلام عليكم يا رسول الله، يا أهل النبوة أأدخل ؟". فسمع عليه الصلاة والسلام صوته فقال:" يا فاطمة من على الباب ؟". فقالت: رجل أعرابي نادى، فقلت إن رسول الله مشغول بنفسه، ثم نادى الثانية فقلت مثله، فنظر إلي نظرة فاقشعر جلدي وخاف. فقال عليه الصلاة والسلام: "أتدرين من هو يا فاطمة ؟" قالت: لا، فقال عليه الصلاة والسلام: " هو هازم اللذات، وقاطع الشهوات، ومفرق الجماعات، ومخرب الدور، ومعمر القبور". فبكت فاطمة رضي الله عنها بكاء شديدا. ثم قال عليه الصلاة والسلام: "أدخل يا ملك الموت". فدخل، فقال: "السلام عليك يا رسول الله"، فقال صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام يا ملك الموت"، أجئت زائرا أم قابضا ؟". فقال: "جئت زائرا، قابضا إن أذنت لي، وإلا فأرجع ! فقال صلى الله عليه وسلم: "يا ملك الموت، أين تركت جبرائيل عليه الصلاة والسلام ؟" فقال: "تركته في السماء الدنيا والملائكة يعزّونه"، فلم يلبث ساعة حتى هبط جبرائيل عليه الصلاة والسلام، وجلس عند رأسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم تعلم أن الأمر قد قرب ؟" فقال: "بلى يا رسول الله"، فقال صلى الله عليه وسلم: " بشرني ما لي عند الله من الكرامة ؟". فقال جبرائيل عليه الصلاة والسلام: " إن أبواب السماء قد فتحت، والملائكة صفوفا صفوفا ينتظرون في السماء لروحك، وأبواب الجنة قد فتحت، والحور كلها قد تزينت، ينتظرون لروحك". فقال صلى الله عليه وسلم: " الحمد لله". ثم قال صلى الله عليه وسلم: " بشرني يا جبرائيل كيف تكون أمتي يوم القيامة ؟" قال: "أبشرك أن الله تعالى قال:"إني حرمت الجنة على سائر الأنبياء حتى تدخلها أنت، وحرمتها على سائر الأمم حتى تدخلها أمتك"، فقال صلى الله عليه وسلم: "الآن طاب قلبي وزال غمي".ثم قال عليه الصلاة والسلام: " يا ملك الموت أدن مني". فدنا يعالج قبض روح رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فلما بلغ الروح منه السرة، قال عليه الصلاة والسلام: "يا جبرائيل، ما أشد مرارة الموت ! " فولى جبرائيل وجهه عنه، فقال عليه الصلاة والسلام: " يا جبرائيل: أكرهت النظر إلى وجهي ؟" فقال جبرائيل: "يا حبيب الله: من يطيق قلبه أن ينظر إلى وجهك وأنت في سكرات الموت! ". قال أنس بن مالك رضي الله عنه: " كان روح النبي عليه الصلاة والسلام في صدره،وهو يقول: "أوصيكم بالصلاة وما ملكت أيمانكم ". فما برح يوصي، في آخر نفسه حرك شفتيه مرتين فألقيت سمعي، فسمعته يقول خفية: "أمتي، أمتي". فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين من شهر ربيع الأول. "عن درة الناصحين: عثمان الخوبري، رحمه الله رحمة واسعة ".

و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "… ولقد قبض رسول الله-صلى الله عليه وسلم – وإن رأسه لعلى صدري ولقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسله- صلى الله عليه وسلم – والملائكة أعواني، فضجت الدار والأفنية، ملأ يهبط، وملأ يعرج، وما فارقت سمعي هينمة منهم، يصلون عليه حتى واريناه ضريحة".عن "نهج البلاغة، الإمام محمد عبده".

قال الله عز وجل: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين"."آل عمران: 144".

[فلو كانت الدنيا تدوم لواحد لكان رسول الله فيها مخلدا] ودفنوه- عليه الصلاة والسلام في حجرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهي قائمة على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وتقول: " يا من لم يلبس الحرير، ولم ينم على الفراش الوثير، يا من خرج من الدنيا ولم يشبع بطنه خبز الشعير، يا من اختار الحصير على السرير، يا من لم ينم طول الليالي من خوف السعير".

" درة الناصحين: عثمان الخوبري".

قال الله تعالى: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما". "الأحزاب:56".

و الإجماع منعقد على أن في هذه الآية من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم والتنويه به ما ليس في غيرها. قال ابن عبد السلام: ليست صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله ولكن الله أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه.

"اللهم اجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك، إمام الخير و رسول الرحمة.

اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه فيه الأولون والآخرون.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم صل صلاة كاملة وسلم سلاما تاما على سيدنا محمد نبي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضي به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم، وعلى آله وصحبه في كل لمحة ونفس بعدد كل معلوم لك، يا رب العالمين.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire